دور هبرّودس ان يهرب
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

دور. هبرّودس ان يهرب

دور. هبرّودس ان يهرب

 الجزائر اليوم -

دور هبرّودس ان يهرب

سجعان القزي
بقلم - سجعان القزي

ولادةُ يسوع هي شكلٌ من أشكالِ ظهورِه على البشريّة. يسوعُ موجودٌ بينَنا قبلَ ولادتِه وأثناءَها وبعدَها. كان اسمُه الله. لكنّه شاءَ الانتقالَ موقّتًا من السرمديّةِ إلى الزمانِ والمكان من أجلِ أن يَنقلَ الإنسانَ من محدوديّةِ الوجودِ إلى السرمدية، ومن أجلِ أنْ يُنشِئَ علاقةً "ميثاقيّةً" بين الله ابنِ الإنسان، والإنسانِ ابنِ الله. لم يَرُدّ الإنسانُ، بما فيه الإنسانُ المسيحيُّ، الجَميلَ إلى يسوع. ظنَّت البشريّةُ أنَّ تَقدّمَ مفاهيمِ الحرّيةِ والمساواةِ والأُخوّةِ وحقوقِ الإنسانِ، يعود فَضلُها إلى فلاسفةِ الإغريق والرومانِ وكونفُوشيوس، وإلى فلاسفةِ "عصرِ الأنوار" والثورةِ الفرنسيّةِ والاشتراكيّةِ والعَلمنة، فيما وَردَت جميعُ هذه المفاهيمِ في تعاليمِ يسوع ونَشرَتْها المسيحيّةُ في العالم.


جميعُ الحركاتِ الدينيّةِ والعقائديّةِ التي ظَهَرت بعد المسيحيّةِ ـــ بما فيها الشيوعيّةُ ـــ تأثّرت بهذه التعاليم. فمِنها مَن استوحاها، ومنها مَن اقتَبسَها ومنها مَن تَفلْسَف عليها، ومنها مَن تَكبَّرَ عليها. كأنّي بيسوع يقول لهم: "ما لم تَفهَموه لا تُنكِروه، إنّما فسّروه على طريقتِكم"؛ فكان تَعدُّدُ الأديانِ والطوائفِ والمذاهب، حتّى في المسيحيّة. خَشِيَ يسوعُ العقلَ المنعزِلَ عن الإيمان. فَضّل الإيمانَ على الحكمةِ ووَصَف الحكماءَ بالحيّات.


الّذين يتَّبِعون الضميرَ دون الإيمانِ يعيشون أيضًا سلامًا داخليًّا ويَتمتَّعون بقيمٍ ساميّةٍ، إنسانيّةٍ واجتماعيّة. لكنَّ الضميرَ الذي يَعتبر ذاتيّتَه مرجِعيّةً قائمةً بذاتِها ومستقلَّةً عن الإيمانِ بالله، يَبقى عُرضةً لجنوحِ الغريزةِ لأنَّ دفاعاتَ الضمير، المرتكزةَ على العقلِ فقط، ليست كافيةً لمنعِ السقوطِ في التجارب. صحيحٌ أنَّ التاريخَ الوسيطَ والحديثَ حافِلٌ بقادةٍ مسيحيّين انحرَفوا نحو سلوكٍ وحشيٍّ ووثنيٍّ، لكنَّ هؤلاء، وإنْ وُلِدوا مسيحيّين، فقدْ خَرجوا عن الإيمانِ والتزموا عقائدَ فلسفيّةً وسياسيّةً ضِدَّ المسيحيّة. غير أنَّ يوميّاتِنا تَكشِف أنَّ المتدَيّنين ينافِسون الملحِدين في الشرودِ والفساد والطيْش، أي في الخطيئة، وهي التسميةُ الدينيّةُ، لـجِـنَحِ الإنسانِ وجِناياتِه، أكان فردًا أو جماعةً. أيعني هذا أنَّ الغريزةَ والعقلَ أقوى من الإيمان؟ وأن الإنسانَ يُعطي الإيمانَ لله والـمُشْتهى للدنيا؟ في الإنسانِ شرٌّ يَتحدّى الخيرَ ويُبارزُه. تارةً يَنتصر الأوّلُ وطورًا يَغدُر به الآخَر. آخِرُ تَجليّاتِ "انتصارات" الشرِّ اغتيالُ الشابِ جو بجّاني في الكحالة، بلدةِ العزّةِ والكرامة. وآخِرُ تجلّياتِ انتصارات الخيرِ اختراعُ اللَقاح ضِدَّ جائحةِ كورونا.
لقد اختبر المسيحُ ضعفَ الإنسان في تلاميذِه أوّلًا: مِن بطرس الذي "سَلّمه مفاتيحَ السماء" فأنْكَره ثلاثَ مرّات، إلى يَهوذا الذي سَلّمه إلى اليهود، مرورًا بِتُوما الذي آمَن بإصْبَعِه قبل إيمانِه بقيامةِ المسيح. واستنادًا إلى إدراكِه هذا الضعفَ البشريّ، استَحْدَث يسوعُ الغفرانَ ومحوَ الخطيئةِ والرحمةَ والتسامح، فتمادى الإنسانُ في الدلعِ واستهانَ ارتكابَ الخطايا على وعدٍ بالعفو.
خطورةُ الحضارةِ الحاليّةِ أنها مُغريةٌ جدًّا بحيثُ يَصعُب على المرءِ التعَفُّفُ عنها والنأي. لكنّها في الحقيقةِ تَخلُط بين الحرّيةِ وفوضى القيَم، بين الرَفاه والترَف، بين الإيمانِ والفكرِ، وبين البشريّةِ الطبيعيةِ والطبيعةِ المضادّة. والأخطرُ أنَّ العَلمنةَ المجرَّدةَ من أيِّ سَندٍ روحيِّ تَضرِبُ ضميرَ الفردِ وإنْ حافظَت على ضميرِ الجماعة. لا يدري بعضُنا إذا كان مؤمنًا أو عَلمانيًّا، وإذا كان عَلمانيًّا أو ملحدًا. كان الإلحادُ في العصورِ القديمةِ حالةَ جهلٍ، فجَعله البعضُ في العصرِ الحديث حالةً عقائديّةً تدّعي أنَّ الإنسانَ هو مُحَصِّلةُ حركةِ المادّة وإفرازاتِها. أنّى لمادّةٍ جامِدةٍ، تُحرّكها عواملُ الجيولوجيا والطقسِ والزمن، أنْ تَخلُقَ الإنسانَ بحياتِه وعقلِه وضميرِه وقلبِه وإبداعاتِه؟ لم نَر صخرةً اشتَهَت موجةَ بحرٍ فأنجبَت إنسانًا. ولم نَر جبلًا تغزّلَ بِواديه فوضعَ مولودًا.
رغمُ مرور ألفَي سنةٍ على ولادةِ يسوع، أشعُر كلَّ سنةٍ بفرحِ هذا الحدثِ الإلهيِّ والتاريخيِّ. أتخيّلُه يَحدُث أمامي الآن. أشعُر أنَّ قوّةً دخلت فيَّ. أعيشُ وَضاعةَ المغارةِ وعظمةَ المولود. أعودُ إلى الوراء. أرى أورشليم والناصرةَ والجليلَ والقيصريّة. أُبصِرُ بُحيرةَ طَبريّا ونهرَ الأردن وبيتَ عَنْيا وجبلَ طابور وبستانَ الجِسمانيّة. أُحَدِّقُ ببيلاطس يَغسِلُ يديْه وبقَيافا، رئيسِ كُهّانِ اليهود، يَصرُخُ: "اصْلُبوه". حَدثَ ذلك في جوارِ لبنان. في قريةِ بيتَ لحم. في الشرق. لكنَّ الشرقَ حاول التَنمُّرَ على المسيحيّة. سقطَ في التجربةِ اليهوديّةِ التي هي إنكارُ المسيح. من هنا بَدأت جُلْجُلةُ الشرق. تَقدَّمَ في الزمنِ وتراجعَ في الحضارة. احتلَّ العالمَ عصورًا ولم يُحرِّر نفسَه يومًا. آمَنَ بالكتابِ ولم يَكتفِ به. حاربَ الصليبَ فأتاه الصليبيّون، وها هو على شفيرِ تكرارِ الخطأ.
الشرقُ نقيضُ ذاتِه وراجمُ عظمائِه وفاقدُ قيمِه وجاحِدُ أديانِه. ما عاد هذا الشرقُ يُشبِهُ المسيح. كأنَّ ولادةَ يسوع كانت فعلًا زائدًا، وصلبَه فعلًا مجّانيًّا وقيامتَه فعلًا عبثيًّا. اليهودُ تآمروا على يسوع لدى ولادتِه. أنْكَروه وصلبوه. وأهلُ الشرقِ تآمروا عليه بعد قيامتِه. ظنّوا أنّهم يستطيعون أن يُضيفوا إلى الكَمالِ جملة، فتغيّر المعنى. أهلُ الشرقِ يَخافون مُنقِذيهم ويُحبّون جَلّاديهم. أهلُ الشرقِ يَخشَوْن الحقيقة ويَألَفون الدَجَل. تَشاوَفوا على المسيحيّةِ وشوّهوا الإسلامَ وأعادوا الاعتبارَ إلى اليهوديّةِ، حتّى بوجهِها الصُهيوني. أكثرُ كلمةٍ تَروجُ في الشرقِ هي الله، وأقلُّ حاضرٍ في أفعال الشرقِ هو الله. جَعلوا اللهَ افتتاحيّةَ مجازرِهم وإرهابِهم عِوضَ أن يكونَ مُـحَـيّا فضائِلهم وسلامِهم. كانوا في الأديانِ الوثنيّةِ وأمْسوا في وثنيّةِ الأديان.
مع ولادةِ يسوع لا تولدُ المسيحيّةُ في الشرقِ فقط، بل فكرةُ التعايشِ بين أهلِ الشرق. لكنَّ التعايشَ مستحيلٌ من دونِ الاعترافِ بحقِّ الآخَر لا بوجودِه فحسب. فإذا كان العقلُ من دونِ إيمانٍ يَحرِفُ الإنسان، الإيمانُ مع السلاحِ يَحرِفُ الدين. جميعُ أسلحةِ الأديانِ تحوّلت ضِدَّ الأديان وشعوبِها. القضيةُ مسألةُ وقت. لهذا السببِ نحن صامدون، ولن نَدعَ يوسف، هذه المرّةَ، "يأخُذُ الصبيَّ إلى مِصر". هذا دورُ هيرَوْدُس، بل "الهيرَوْدُسيّون"، أنْ يهربوا.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دور هبرّودس ان يهرب دور هبرّودس ان يهرب



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:12 2021 السبت ,02 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 07:54 2017 الأحد ,28 أيار / مايو

عاصمة كرواتيا زغرب زمردة أوروبا الشرقية

GMT 07:13 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 05:11 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

إيما روبرتس أنيقة خلال عرض أزياء العلامة"موسكينو"

GMT 21:14 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

سيدة تطلب الخُلع من زوجها بسبب "غرفة النوم"

GMT 04:49 2018 الثلاثاء ,03 إبريل / نيسان

ميليشيا الحوثي تفرض ضرائب مرتفعة على سلع أساسية

GMT 01:17 2017 الخميس ,12 كانون الثاني / يناير

اكتشاف دائرة من الثلج تدور من تلقاء نفسها في نهر ميتشيغان

GMT 16:35 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

شبيهة هيفاء وهبي تثير جدلاً في سورية

GMT 00:13 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يستقبل أسقف عام شبرا

GMT 21:32 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة سهلة وبسيطة لإعداد حلى الباونتي بالشوكولاتة

GMT 01:06 2018 الجمعة ,13 تموز / يوليو

محمود الخيامى ضيف برنامج "الليلة عندك" على 9090
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria