بلاد علي البزّال
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

بلاد علي البزّال

بلاد علي البزّال

 الجزائر اليوم -

بلاد علي البزّال

غسان شربل

عشية سفري إلى بيروت شاهدتُ على إحدى المحطات تقريراً موجعاً. جالت المراسلة على خيام أهالي العسكريين اللبنانيين المحتجزين لدى جبهة «النصرة» وتنظيم «داعش». توقَّفَتْ قرب خيمة أطلّت منها امرأة يقطر الحزن من ملامحها. وجه معجون بالتوتر والخوف. تحدثت المرأة كأنها تشم رائحة دم ابنها الدركي علي البزّال الذي هددت «النصرة» بإعدامه. تضرّعت كي لا تقترب ساعة تلقيها النبأ.

غداة وصولي إلى بيروت قلتُ أزور المخيم وهذه المرأة تحديداً. على باب الخيمة وقفَتْ والدة علي البزّال وزوجته وشقيقته. وجوه اعتصرها الأسى وجفون أثقلها السهر الطويل. وخيمة حزينة تذكّر بأن الوطن لم يعد يشكّل خيمة لأبنائه.

تحدّثت والدة البزّال بطريقة من يسابق الوقت ويخشى نفاده. حرّكت يديها كمن يحاول دفع القدر. تمنّت لو أنني أحمل إليها خبراً ساراً أو مطمئناً. لكن الزمن ليس زمن هذا النوع من الأخبار. إنها والدة أسير في بلد أسير.

فتحت يديها على شكل سؤال. سألَتْ: أين الوسطاء؟ أين الحكومة؟ أين الضمير؟ أين الإنسانية؟ وكررت: أين الدولة؟ سَخِرَت من القول إن السلطات تستجمع أوراق الضغط لإنجاح المفاوضات. سَخِرتْ من الذين يعارضون المقايضة مع الإرهابيين أو يتسببون في تأخيرها. ردَّدَت بحرقة: «أريد ابني». ولم يغب عن بالها أن تطالب بإطلاق رفاقه.

دمعة صغيرة جالت في العينين الكئيبتين. نضب الدمع من فرط ما بكت. حكت لنا عن عذابات زوجة علي وشقيقته منذ اعتقاله، خصوصاً بعد التهديد بإعدامه. حاولتُ تحريضها على إبقاء باب الرجاء والأمل مفتوحاً. كانت تهزّ رأسها. أتلفَت الأيام أعصابها والتهمت الصبر. «اريد ابني»، «أين الوسيط القطري؟»، و «ماذا تنتظر خلية الأزمة (الحكومية)». «فليتركوا المكان لغيرهم إذا كانوا عاجزين»، و «أريد ابني». ضربت كفاً بكف اعتراضاً على الظلم الفادح والعجز الفادح. كأن «النصرة» أعدمتها قبل إعدام ابنها.

ضربت صدرها براحتيها. تصوّرت عذابات علي في قبضة محتجزيه. تصوّرت شبابه المكسور والدم يتصبب من عنفوانه. تصوّرته موثقاً ومهاناً. يموت حنيناً إلى طفلته الصغيرة المريضة، وإلى زوجته وشقيقته ووالديه. سألناها إن كانت تبلّغت جديداً مطمئناً فردّت بالنفي وتغطت بصمت من ينكسر. أضفت بضع عبارات مواساة فاشلة. وغادرنا الخيمة والمخيم.

كَسَرَ الحوار مع والدة علي البزّال قلبي. ما هذا الظلم؟ وما هذا الاحتقار؟ مسلّحون ينتهكون حدود بلد اسمه لبنان يفترض أن يكون دولة ذات سيادة. يقاتلون الجيش ويخطفون عسكريين وينسحبون إلى المغاور. يطالبون بإطلاق مرتكبين وحين تمتنع الحكومة يطلقون النار على رأس رهينة أو يقطعون رأس أسير.

تقلّب الحكومة الهشّة الجمر بين يديها. تعيش على توقيت الإرهابيين. تخاف على العسكريين، وتخاف من الثمن المطلوب لاستعادتهم، وتخاف من تكرار الخطف إذا حصل الخاطفون على مكافأة لجريمتهم. وتخاف الحكومة الهشة على وحدتها، وتخاف من التباسات مواقف بعض أعضائها ومن جماعة «المقايضة ولكن».

الظلاميون قساة وبارعون. يعزفون على التمزقات اللبنانية بوحشية ومهارة. هذا محتجز شيعي وذاك سنّي. هذا محتجز مسيحي وذاك درزي. يتلاعبون بمشاعر أهالي المحتجزين ويتلاعبون بمشاعر المناطق التي ينتمون إليها.

أزمة العسكريين المحتجزين جزء من مأساة سقوط لبنان في مستنقع التفكك السوري. قبل أن يقطع الظلاميون رأس جندي قطع السياسيون رأس الجمهورية. ما هذا الانحدار؟ ما هذا الانحطاط؟ ترجع جثث الجنود ولا ينزل النواب إلى البرلمان لانتخاب رئيس، ولا يشكلون حكومة أقطاب أو ما يشبهها ليدعم الشعب الجيش في معركته ضد الإرهاب. ما هذه الشراهة؟ ما هذا الانحطاط؟

لم تخطئ والدة علي البزّال في الحساب. جاءها الخبر عنيفاً وقاهراً ومدمّراً. تلوّت تحت ضربة الزلزال. لا ينقص من حُرقتها نعتها بـ «أم الشهيد». كانت تشتهي أن يرجع لتشم فيه رائحة طفولته. نجح الإرهابيون في التلاعب باللبنانيين. صرخات الثأر تنذر بإعدامات كثيرة، تُنذر بتحريك البراكين المذهبية. ما أقسى أن تزور بلاد علي البزّال، وأن تشهد من قرب كل هذا الظلم وكل هذا الظلام.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلاد علي البزّال بلاد علي البزّال



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 18:30 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

رحيل المترجم السوري نزار خليلي عن عُمر ناهز الـ92 عامًا

GMT 00:27 2016 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الدبلجة تعيد فيلم "بلال" إلى دور العرض في 6 دول عربية

GMT 11:57 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

محمية سيدي بوغابة مقاومة إيكولوجية للتلوث

GMT 22:23 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

أُحد يُجري محاولة "مشروطة" لضم مؤمن زكريا

GMT 17:07 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبة يوسف تستعد لتصوير أغنيتها الجديدة "متجيش على حد"

GMT 10:03 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

عمو فؤاد من معالم رمضان

GMT 09:34 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"ون آند أونلي" تفتح أول منتجع حضري لها في دبي

GMT 14:53 2018 الثلاثاء ,10 إبريل / نيسان

عمر البشير يفرج عن جميع المعتقلين السياسيين

GMT 09:17 2018 الخميس ,05 إبريل / نيسان

هزيمة أمام موريتانيا
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria