تونس والتخلّص من عقدة الأجهزة الأمنية
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

تونس.. والتخلّص من عقدة الأجهزة الأمنية

تونس.. والتخلّص من عقدة الأجهزة الأمنية

 الجزائر اليوم -

تونس والتخلّص من عقدة الأجهزة الأمنية

خير الله خير الله

تونس الآن، بلد ديموقراطي يمتلك دستورا عصريا. بلد من هذا النوع، قاوم المجتمع فيه التخلف بكلّ أنواعه، لا يمكن إلّا أن ينتصر على الإرهاب.

هناك ما هو أبعد من الهجوم الإرهابي الذي استهدف متحف باردو في العاصمة التونسية وأدّى إلى مقتل عشرين سائحا أوروبيا ومواطنين تونسيين. هناك هجمة على تونس تجعل مستقبل البلد مهدّدا. تقتضي هذه الهجمة التوقّف طويلا عند ما تمرّ به تونس التي بدت وكأنّها استثناء عربي، خصوصا بعد الذي حلّ بليبيا ومصر واليمن وسوريا نتيجة الثورات الشعبية التي أسقطت الأنظمة في تلك الدول.

قبل كلّ شيء، كشفت الهجمة على المتحف وجود مجموعات إرهابية تتحرّك بحرية. هذا عائد إلى حد كبير إلى تراجع قدرة الأجهزة الأمنية على ملاحقة الإرهابيين وخلاياهم وتحديد الأماكن التي يلجأون إليها ويجدون فيها مأوى آمنا. يضاف إلى ذلك بطبيعة الحال ما يدور في ليبيا حيث لم يعد من مجال في هذا البلد الجار لإيجاد أيّ ضوابط أمام انتشار السلاح والإرهاب..

يبدو كأن انهيار النظام الذي أقامه زين العابدين بن علي، بحسناته وسيئاته، أدّى إلى انهيار الأجهزة الأمنية أيضا. ففي الدول الحديثة، خصوصا في الدول الديمقراطية، لا بدّ من المحافظة على الأجهزة الأمنية وتحديد دورها بصفة كونها مؤسسات مستقلة في خدمة الدولة والمواطن وليس في خدمة النظام القائم.

في الواقع، ضعفت الأجهزة الأمنية التونسية كثيرا وفقدت فاعليتها بعد انهيار نظام بن علي، في حين كان مفروضا بعد نجاح “ثورة الياسمين” التركيز على استقلالية هذه الأجهزة والتفريق بينها وبين النظام السابق. فالإرهاب يستهدف كلّ عائلة تونسية كما يستهدف كلّ مؤسسة من مؤسسات الدولة، فضلا عن أنّه يستهدف المجتمع التونسي المنفتح الذي قاوم كلّ المحاولات التي بذلها الإخوان المسلمون من أجل القضاء على المنجزات التي تحقّقت منذ الاستقلال، خصوصا في عهد رجل استثنائي اسمه الحبيب بورقيبة.

ليس سرّا أن التونسيين، تتقدّمهم المرأة، يدافعون منذ رحيل بن علي مطلع العام 2011، عن قيم مجتمعهم المتطور. هذا سمح لهم بانتخاب مجلس للنوّاب لا تسيطر عليه “حركة النهضة” التي تعتبر جزءا لا يتجزّأ من تنظيم الإخوان المسلمين. تجرّأ التونسيون على “النهضة” بكلّ ما تمثّله من تخلف من جهة ورغبة في القضاء على مؤسسات الدولة من جهة أخرى.

أثبت التونسيون عبر الانتخابات التشريعية، ثمّ الانتخابات الرئاسية أنّهم يمتلكون وعيا سياسيا وحسّا وطنيا مرهفا. لذلك صوّتوا إلى جانب “نداء تونس” وأتوا بالباجي قائد السبسي، على الرغم من تقدّمه في السنّ، رئيسا للجمهورية.

قبل ذلك، تخلّصوا من الحكومات المتلاحقة لـ”النهضة” التي أرادت تغيير تركيبة مؤسسات الدولة عن طريق حشر أكبر عدد من أنصار الحركة فيها. لم تمتلك “النهضة” أيّ شعور بالمسؤولية الوطنية عندما كانت قادرة على التحكم بمفاصل الدولة والوزارات الأساسية. لم يكن من همّ لدى زعماء الحركة سوى اختراق المؤسسات، خصوصا تلك التي لديها طابع أمني.

كان الهجوم على متحف باردو حدثا مؤلما، بل كارثة. لا شكّ أنّه أعاد الاقتصاد التونسي سنوات إلى خلف، خصوصا بعد الجهود الكبيرة التي بُذلت في الأشهر القليلة الماضية من أجل إعادة الحياة إلى السياحة. هذا الحدث المؤلم ليس معزولا عن جرائم حصلت في الماضي، لكنها لم تجد من يحقّق فيها. من بين هذه الجرائم اغتيال شخصيتين وطنيتين هما شكري بلعيد ومحمّد البراهمي على يد متطرّفين ليسوا بعيدين عن الأحزاب التي ترفع شعارات إسلامية.

هناك حال انفلات في تونس أدّت إلى تفادي القيام بحملة منظمة ومستمرّة في الوقت ذاته لمعالجة المشكلة الناجمة عن الوجود الإرهابي في جبل الشعانبي. كلّف هذا الوجود قوات الأمن والجيش الكثير حتّى الآن، وبقيت الدولة التونسية في حال ردّ الفعل، بدل الإقدام على مبادرة لاجتثاث الإرهاب من جذوره.

في النهاية، مقاومة الإرهاب لا تعني العودة إلى القمع الذي مورس، وإن بطريقة ناعمة، في عهد بن علي الذي استطاع ضبط الأمن إلى حدّ كبير. هذا إذا استثنينا العمل الإرهابي الموصوف الذي استهدف زوار كنيس جربة في السنة 2002 بعد أشهر قليلة من “غزوة نيويورك وواشنطن” التي نفّذتها “القاعدة”.

بعد إعلان “داعش” المسؤولية عن الهجوم علي متحف باردو، يفترض في السلطات التونسية الذهاب بعيدا في التفكير في حماية البلد الذي يعاني أوّل ما يعاني من وجود أطراف ممثلة في مجلس النوّاب والحكومة توفّر حاضنة للإرهاب. تكفي نظرة إلى الشكل الخارجي لبعض النواب للتأكد من ذلك. ماذا يعلّم هؤلاء أولادهم، على ماذا يربّون هؤلاء الأولاد؟ مثل هؤلاء النواب وبعض الوزراء، الذين بينهم نساء، لا علاقة لهم بتونس الجديدة، تونس ما بعد “ثورة الياسمين”.

تكفي نظرة إلى الشكل الخارجي لهؤلاء للتأكّد من أن ليس مستبعدا أنّهم يروّجون، رجالا ونساء، لثقافة العنف ورفض الآخر بعيدا كلّ البعد عن الإسلام السمح الذي يعني أوّل ما يعنى الانفتاح على العالم وكلّ ما هو حضاري فيه.

المؤسف أنّ هناك تقوقعا في أوساط معيّنة في المجتمع التونسي، بما يوفّر حاضنة للإرهاب والإرهابيين. مثل هذا التقوقع يدعو إلى سماع أصوات جريئة تعترف بحصول تغيير في تونس. هذا التغيير ليس بالضرورة نحو الأفضل. إنّه تغيير يعكس فشل بن علي في امتلاك جرأة الحبيب بورقيبة في قول ما يجب قوله للتونسيين عن ضرورة اعتماد معايير التقدّم التي هي في أساسها تطوير النظام التعليمي وتحسين ذوق المواطن بدل اعتماد الأساليب الرخيصة في استرضائه، بما في ذلك الإذاعات الدينية والتظاهر بالتقوى.

يبقى ما هو أهمّ من ذلك كلّه. يبقى أنّ هناك حاجة إلى بناء مؤسسات أمنية شفافة تحمي الدولة والمجتمع والمواطن، بدل أن تحمي النظام. لا بدّ من التخلص من عقدة الأجهزة الأمنية في عهد بن علي. كانت لهذا العهد حسنات كثيرة، لا مفرّ من الاعتراف بها، لكنّ المشكلة الدائمة كانت في أن كلّ شيء في أيام بن علي كان يدور حول الرجل وزوجته الثانية والعائلة، خصوصا إخوة السيدة الأولى.

تونس الآن، بلد ديمقراطي يمتلك دستورا عصريا. بلد من هذا النوع، قاوم المجتمع فيه التخلف بكلّ أنواعه، لا يمكن إلّا أن ينتصر على الإرهاب. وهذا يتطلب قبل كلّ شيء التخلّص من سيئات عهد بن علي والاعتراف بأنّ في الإمكان إقامة أجهزة أمنية فعالة، بدل أن تكون أجهزة قمعية. ثمّة فارق بين الأجهزة الفعّالة والأجهزة القمعية. ثمّة فارق بين أجهزة تحمي المواطن والبلد وأجهزة تحمي النظام.

مستقبل تونس يعتمد بكل بساطة على القدرة على القيام بهذه النقلة النوعية التي قد لا تعني الكثير ظاهرا، لكنّها تعني الكثير في العمق. فما على المحكّ مستقبل تونس التي أظهر شعبها، أقلّه إلى الآن، أنّه شعب مقاوم بالفعل لكلّ أنواع التخلّف!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تونس والتخلّص من عقدة الأجهزة الأمنية تونس والتخلّص من عقدة الأجهزة الأمنية



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 15:12 2019 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

مشاركة 14 مصارعا جزائريّا في دورة باريس الدولية

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 22

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21

GMT 14:15 2020 السبت ,02 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:33 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 13:04 2018 الإثنين ,04 حزيران / يونيو

تعرف على أسرار حياة النعام وكيف يعبر عن نفسه

GMT 18:47 2019 الإثنين ,04 آذار/ مارس

هاشتاغ "ادعم فخر العرب" يكتسح تويتر

GMT 03:29 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ماجد الكدواني يرفض فِكرة تصنيف الفنان كأكشن أو كوميدي

GMT 10:02 2018 الأربعاء ,23 أيار / مايو

طريقة تحضير المنسف الأردني

GMT 21:14 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

الحرارة سالب 40 فى مناطق بالساحل الشرقى لأميركا

GMT 02:36 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لمسات بسيطة في ديكور المنزل لاستقبال فصل الخريف

GMT 02:09 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

تصفية القناصة "سنووايت" الموالية للرئيس بوتين في أوكرانيا
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria