فى وصف حضرة صوفية
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

فى وصف حضرة صوفية

فى وصف حضرة صوفية

 الجزائر اليوم -

فى وصف حضرة صوفية

عمار علي حسن

بعد صلاة العشاء جاء ثلاثة رجال يرتدون جلابيب بيضاء، رفعوا حُصَر الديس والقش والحلفا، وأحضروا ثلاثة جرادل مملوءة بماء قراح، ورشوا الأرض برذاذ خفيف، ثم فرشوا الحصر، ووضعوا سجادة خضراء ذات عُقد وشراشيب بنية على هيئة قباب مساجد عتيقة. وجاء رجل رابع يحمل مجمرة، ونفخ فيها ففاح البخور، وعطَّر المكان.
ووزع خامس كتاب «دلائل الخيرات» على الحصر فى صفوف، وعلق سادس مزيداً من الفوانيس بعد أن ملأها بالكحول، ودس فى جوفها رتائن جديدة، ففج النور الأبيض وتلألأ، وحوّل ليل المكان إلى نهار.
وهلَّ الشيخ أخيراً، رجل بهىُّ الطلعة هو، يخبُّ فى بياض الثوب والعمامة واللحية الشهباء القصيرة التى تطوّق وجهاً قمحياً تتوسطه عينان وسيعتان. وكانت تمشى خلفه أخلاط من الرجال، بدناء ونحفاء، طوال وقصار، كان أحدهم يمسك دفاً محفورة على جوانبه بعض أسماء الله الحسنى، يهزه فيُحدث شخللة وصهللة، فتتراقص البهجة، وإلى جانبه رجل ذو وجه مثلثى يمسك ناياً يتلوى بين أصابعه، فتتقاطر منه آلام محبوسة من أنين الحضرة الفائتة.
جلس الرجل المهيب فى الصدارة، وتوزع المقبلون معه على الحصر، ولحق بهم آخرون، وجلس كل منهم أمام نسخة من الكتاب، ومدوا أيمانهم وأمسك كل بكتابه، وبدأ الشيخ فى القراءة وأصوات مريديه تصاحبه، فتصنع لحناً شجياً. وأول ما قرأوا كان أول الكتاب الذى بأيديهم:
«بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إنى نوَيتُ بالصلاة على النبىِّ، امتثالاً لأمركَ، وتصديقاً لنبيِّكَ محمد، ومحبَّة فيه وشوقاً إليه، وتعظيماً لقدره، ولكونه أهلاً لذلك فتقبَّلها منى بفضلك وإحسانك، وأَزِلْ حجاب الغفلة عن قلبى، واجعلنى من عبادك الصالحين. اللهم زِدْهُ شرفاً على شرفه الذى أوليته، وعِزَّاً على عِزِّه الذى أعطيته، ونوراً على نوره الذى منه خلقته، وأعْلِ مقامه فى مقاماتِ المُرسلين، ودرجته فى درجاتِ النبيِّين، وأسألك رضاك ورضاه يا ربَّ العالمين، مع العافية الدائمة، والموتِ على الكتاب والسنَّة والجماعة، وكلمتى الشهادة على تحقيقها، من غير تبديل ولا تغيير، واغفر لى ما ارتكبته بفضلك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين، وصلّى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين، وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين».
وبعد أن انتهوا من القراءة قام أحد المريدين وفى يده مشنة من الخوص، وراح يوزع قراقيش معجونة بالملح والكمون على الذاكرين، كل منهم التقط واحدة، وقضمها متلذذاً. ودار عليهم بعده رجل يحمل إبريقاً مملوءاً بماء الورد وكوباً صغيراً من النحاس، فشربوا وذاب الطعم فى حلوقهم.
وقام الشيخ فقاموا فى صفين متوازيين، وهم يهزون أكتافهم فى لطف حتى تعتدل الجلابيب عليها، وصوَّبوا عيونهم نحو شيخهم، فحطَّ عينيه عليهم فى نظرة واحدة وهو يبتسم، ثم ضرب كفيه، وراح يطوح رأسه يميناً ويساراً وصوت يخرج من قلبه: «الله حى.. الله حى»، فطوَّح المريدون رؤوسهم ورددوا وراءه، ثم دقَّ الدف مختلطاً بنشيج الصدور، وناح الناى، فانجرحت النفوس، وتخلت عن مشاغل الدنيا، وتجلت بأنفس ما فيها.
وجاء صوت المنشد عذباً مشحوناً بمعانٍ سامية:
«والله ما طلعت شمس ولا غربت... إلا وحبك مقرون بأنفاسى
ولا خلوت إلى قوم أحدثهم... إلا وأنت حديثى بين جلاسى
ولا ذكرتك محزوناً ولا فرحاً... إلا وأنت بقلبى بين وسواسى
ولا هممت بشرب الماء من عطش... إلا رأيت خيالاً منك فى الكاسِ
ولو قدرت على الإتيان جئتكم... سعياً على الوجه أو مشياً على الراسِ».
وطارت القلوب فى روعة الشعر والتذوق، متأرجحة بين مسرَّة الدف ووجع الناى، وصفت السماء فوق الرؤوس، وراحت تسحب روائح البخور الزكية، وتنصت إلى عذب الكلام الذى تشدو به حنجرة ندية، تفيض العيون لسماعها، ويصل الخشوع إلى ذروته.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى وصف حضرة صوفية فى وصف حضرة صوفية



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 02:45 2017 الأربعاء ,05 تموز / يوليو

بريجيت ماكرون تنضم إلى مجموعة أزياء بيت ديور

GMT 08:05 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

انطلاق فعاليات مؤتمر "أفريقيا 2017" من مصر الخميس

GMT 12:51 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أوشين بلو بيتش ريزورت الأجمل في الهواء الطلق

GMT 19:32 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

الباطن السعودي يعلن ضم بدر النخلي حتى نهاية الموسم

GMT 09:16 2018 الجمعة ,01 حزيران / يونيو

حكم تأخير غُسل الجنابة إلى طلوع الفجر في رمضان
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria