دعا عدد من الشخصيات الشيعية "صنّاعَ القرار في الدول العربية، لا سيما دول الخليج منها"، إلى عدم تحميل "عمومُ اللبنانيينَ، ولا عموم المسلمين الشيعة، مسؤولية سياساتٍ حزبية لا شأن لهم برسمها"، لافتين إلى أن تدخّل "حزب الله" في سورية ذا "طبيعةَ سياسية مصلحية"، و"يصدر عن الأجندة السياسية لحزب الله"، و"لا يعبّر عن مصلحة اللبنانيين عموماً، ولا المسلمين منهم، ولا المسلمين الشيعة على نحوٍ أخص". وإذ دان البيان الثاني لهم في أقل من أسبوعين، قتْل الشاب هاشم السلمان أمام السفارة الإيرانية في بيروت "على يد عناصر أمنية حزبية"، واصفاً إياه بأنه "استباحةِ للدولةِ في أبسط امتيازاتها السيادية"، طالب القضاء اللبناني بـ"سوق المُرْتَكبين أمام العدالة". وجاء في البيان: "في إطار ما تُمليه التطورات من متابعة وتشاور، التقى السادة، (بالترتيب الألفبائي): راشد صبري حمادة، خليل كاظم الخليل، يوسف طلعت الزين، لقمان محسن سليم، إبراهيم محمد مهدي شمس الدين، شوقي محمد صفي الدين، ماجد سميح فياض، منى عبد الله فياض، محمد فريد مطر، غالب عباس ياغي وبعد التداول في مجريات الأيام الماضية، وتطوراتها، انتهوا إلى التوافق على إعلان المواقف التالية منها: توقف الموقعون عند واقعة قَتْل الشاب هاشم السلمان أمام السفارة الإيرانية في بيروت، وهم إذْ يدينون، في العنوان الرئيس، كلّ أشكال التعرّض للحريات العامة فبالأوْلى أنْ تعوزهم كلمات الإدانة متى ما بلغ هذا التعرّض مَبْلَغَ القتل على يد عناصر أمنية حزبية، وهذا عَيْنُ الاستباحةِ للدولةِ في أبسط امتيازاتها السيادية. لقد قُتِلَ هاشم السلمان، واعتُدِيَ على زملائه في وَضَح النهار، ولقد وَثّقَت بعضُ العدساتِ الجريئة هذا الجُرْمَ المَشْهودَ، ووَضَعَتْه برسم الرأي العام اللبناني، وبرسم القضاء اللبناني، ومن ثَمّ فأضعفُ الإيمان مُطالبةُ القضاء اللبناني بأنْ يُبادر إلى القيامِ بواجبه في سوق المُرْتَكبين، كائناً ما كانت الشعارات التي يتلطون وراءَها، أمام العدالة انتصافاً لدم السلمان، وانتصافاً لحق اللبنانيين العام، ورفضاً لتَسْفيهِ القتلِ بذريعة الانفعال أو سواه، ورفضاً مبرماً لمنطق الإفلات من العقاب. ون على هذا البيان الاعتداءات الصاروخية التي استهدفت بعض مناطق الهرمل وأوقعت عدداً من الضحايا المدنيين، كما تابعوا ما تشهده بعض المناطق البقاعية من توترات دموية تُنْذِرُ بالأسوأ، ومع إحاطتهم بالمشهد العام الذي تندرج فيه هذه الاعتداءات وهذه التوترات، لا يسعهم إلاّ التذكير بأنه «لا تزر وازرة وزْرَ أخرى» وبأنه «لا يؤخذ المرء بجريرة غيره»، وبأنّ التدخل العسكري لحزب الله في سورية ــ وهو تدخل يُجاهر به التنظيم المذكور ويحشد له الحجج ــ إنما يصدر عن الأجندة السياسية لحزب الله. إنّ هذا التّدخُلَ الذي يَستبيحُ الدولةَ في حقّها السيادي بالإمرة على سياستها الخارجية، سلماً وحرباً، والذي يضرب بعرض الحائط ما توافق عليه اللبنانيون في إعلان بعبدا من «تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليميّة» ــ إن هذا التدخل لا يُلْزِمُ إلا الطرفَ الذي يقومُ به، ولا يعبّر، في أية حالٍ من الأحوال، عن مصلحة اللبنانيين عموماً، ولا المسلمين منهم، ولا المسلمين الشيعة على نحوٍ أخص. إن الطبيعةَ السياسية المصلحية لتدخّل حزب الله في سورية أمرٌ يجب أن يكون محلَّ إلتفاتٍ وتدبُّرٍ من كل القيادات السياسية والدينية على امتداد العالمين العربي والإسلامي؛ فهذا التدخل لا علاقة له بالتديّن أو بالتمذهُب، ومن أجْسَمِ الأخطاءِ أن يَشْتَبِهَ الأمرُ على البعض فيذهب إلى مقارعة هذا التدخل بإقحام العناوين المذهبية الفقهية، وإلى استعمالها للتأليب على جماعات بأسرها وعلى والتحريض عليها. ومن هنا يدعو الموقعون صنّاعَ القرار في الدول العربية، لا سيما دول الخليج منها، إلى إبقاء هذا البعد السياسي المصلحي ماثلاً أمام أنظارهم فلا يُحَمّل عمومُ اللبنانيينَ، ولا عموم المسلمين الشيعة مسؤولية سياساتٍ حزبية لا شأن لهم برسمها. أخيراً وليس آخراً، يكرّر الموقعون أدناه ما سبق أن أدلوا به من أن تمديد المجلس النيابي ولايته، إنّما هو عملٌ مخالفٌ لإرادة اللبنانيين الجامعة، مُسيءٌ للمصلحة الوطنية، علاوةً على كونه إساءة استعمالٍ لسلطة وتوسّعٍ في التصرّف بوكالة".