رأى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، في كلمة ألقاها خلال إحياء الذكرى السنوية ل"شهداء المقاومة اللبنانية" في معراب، أن لبنان في اتعس أحواله هذه الأيام، فمؤسسات الدولة تعاني شللاً شبه كامل، والإستحقاقات الدستورية ملغاة حتى إشعار إلهي سوري آخر، والأمن سائب تنهشه فوضى السلاح والتفجيرات المتنقلة، والاقتصاد لا حياة فيه، والوضع المعيشي حدث ولا حرج. وقال: "أجل، لبنان في أتعس أيامه، لأن بعض التعساء قبضوا على معظم مقدراته، وما من تعاسة مثل تحكم التعساء"، مضيفاً أن لبنان في أصعب أيامه، لأن حزباً مسلحاً قرر نيابة عن بقية اللبنانيين، وخلافاً لإرادتهم، مصادرة القرار الوطني والتصرف به على هواه، داخلياً وخارجياً، منغصا على اللبنانيين عيشهم في الداخل، مشرعاً عليهم أبواب جهنم من الخارج". وسأل "من اتخذ القرار بذهاب حزب الله إلى سورية؟ وماذا تبقى من مفهوم الاستراتيجية الدفاعية؟ ماذا تبقى من معادلة "جيش وشعب ومقاومة" بعدما تفرد الحزب بقراره فتجاهل وجود الجيش، وضرب عرض الحائط بإرادة الشعب؟"، مردفاً إن "هذه المعادلة المسخ قد ماتت على يد حزب الله بالذات، أما نحن فتكفلنا بمراسم دفنها ووضع حجر كبير على قبرها منذ أمد بعيد". وتابع إن "معادلة "الجيش والشعب والمقاومة" أكل الدهر عليها في القصير، وشرب في غوطة دمشق من دماء النساء والأطفال، إن المطلوب اليوم هو ثلاثية "الشعب والدولة والمؤسسات". وشدد على أن رئيس الجمهورية لن يرحل، قائلاً "لا، لن يرحل، قد يستهدف بالصواريخ، قد يتعرض لحملات التخوين والتشكيك، قد يكون عرضة للابتزاز والترهيب، ولكن، لا، رئيس الجمهورية لن يرحل، لأن برحيله رحيل للجمهورية، وهذا ما يريده البعض، من يريد لرئيس الجمهورية أن يرحل، عليه هو أن يرحل، أما الجمهورية، جمهورية بشير الجميل ورينه معوض ورفيق الحريري، فباقية باقية باقية". وقال "إننا نريد حكومة وطنية شعبية تحصر همومها بمعالجة شؤون اللبنانيين وشجونهم، لا بمحاربة الشياطين، الكبار منهم والصغار، ولا بدعم "نظام السجون والقبور"، وتوريط لبنان في صراعات المنطقة، لن نقبل بعد اليوم بأي حكومة، سواء كانت سياسية او تكنوقراط، جامعة او حيادية، حزبية او غير حزبية، لا يشكل "إعلان بعبدا" جوهر بيانها الوزاري". وتوجه جعجع إلى الرئيس سعد الحريري بالقول "مسؤولية كبيرة أن أدعوك للعودة، لكني قطعاً لن أدعوك للبقاء حيث أنت، لأن لبنان ورفاقك في ثورة الأرز اشتاقوا إليك بالفعل. يوما بعد يوم يزداد رهان اللبنانيين على تحالفنا، لأنهم يرون فيه إنقاذا لصيغة لبنان التنوع، لبنان الاعتدال، لبنان الحرية، لبنان التناغم مع عالمه العربي والمجتمع الدولي، أن ما جمعته الحرية والنضال في سبيل هذا اللبنان، لن تقوى على تفريقه لا مسافات جغرافية ولا محاولات إرهابية". كما توجه إلى المسيحيين المشرقيين بالقول "أن تعيشوا على هامش الثورات فذلك يعني ان تصبحوا خارج كل المعادلات، إن رسالتكم الحضارية والإنسانية والتاريخية والوطنية تحتم عليكم اليوم الانخراط في معركة الدفاع عن قضية الحرية والإنسان في هذا الشرق على الرغم من كل الفوضى التي تعم صفوف الثور، إن مصالحكم الحيوية والمستقبلية في هذه البقعة بالذات، ليست مع زمر نفعية مافيوية زائلة، وإنما مع شعوب مستمرة وباقية، إن حمايتكم الفعلية لا تؤمنها أنظمة مفلسة فقدت كل شيء إلا سمعتها السوداء، وإنما اعتمادكم على انفسكم، وحمل قضايا مجتمعاتكم جنبا الى جنب مع اخوتكم في المواطنية، لا تكونوا شهود زور او حتى متفرجين على ما يرتكب بحق الحرية والإنسان، إن المتفرج شيطان أخرس سرعان ما يلفظه التاريخ". والى "الإخوة" في "التيار الوطني الحر"، قال: "ليست نهاية العالم أن نكتشف عدم صوابية خياراتنا، بل نهاية العالم أن نستمر بها ولو عن غير قناعة. عودوا الى حقيقتكم: تيار وطني سيادي حر، ولا تكملوا بعكس التيار، إن مكانكم الطبيعي هو بجانب الدولة الفعلية السيدة الحرة المستقلة الخالية من اي سلاح غير شرعي، وليس بجانب من يقوضها، كونوا حراس ثورة الأرز، بدلا من ان تكونوا انصارا لحراس الثورة الإيرانية، اتركوا الكيماوي لأهل الكيماوي، وعودوا انتم الى البرتقالي، اخرجوا من 7 أيار/مايو وعودوا إلى 7 آب/أغسطس، عودوا إلى دفء 7 آب، بدل البقاء في برد 6 شباط". واعتبر جعجع أن "المتطرفين والتكفيريين ليسوا من الربيع العربي بشيء، لأن مشروعهم العقائدي كان قائماً وناشطاً قبل بزوغ فجر الربيع العربي بعقود، ولأن هذا المشروع لا يعترف اصلا لا بالعروبة ولا بالربيع. فإن الأنظمة الديكتاتورية تريد أن تضعنا بين خيار من اثنين: إما تكفيرية دينية، أو تكفيرية دكتاتورية بغلاف علماني. ونحن ضد الاثنين معاً. إن السوط الطالباني والجزمة البعثية وجهان لعملة تدميرية رجعية واحد، إن خيارنا هو لا السوط الطالباني ولا الجزمة البعثية، بل الربيع العربي الذي فتح امام الشعوب العربية آفاقا ديموقراطية عصرية جديدة، خارج هذه الثنائية المتحجرة البائدة التي ما زالت تتبادل الخدمات وتثير الدخان الأسود لتلويث اجواء الربيع وخنقه في مهده".