رام الله ـ ناصر الأسعد
كشف مسؤول فلسطيني أن السلطة الفلسطينية لا تفضّل حاليًا الانخراط في مفاوضات حقيقية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو، بسبب الملاحقة القضائية التي يتعرض لها بتهمة الفساد، مضيفًا أن نتنياهو "لطالما يتعرض لملاحقة قضائية، ويبدو أن مصيره ليس بيده، ولذلك فثمة مغامرة في الدخول في مفاوضات جادة ومرهقة وتفصيلية معه"، ومبررًا سبب هذه الخطوة بقوله : "لا نريد أن يتكرر سيناريو رئيس الوزراء لإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، فقد كنا وقتها على وشك اتفاق، لكنه استقال بسبب قضايا فساد".
وكشف الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل أعوام قليلة أنه كان على وشك اتفاق نهائي مع أولمرت لو لم يضطر إلى ترك الحكومة، وتحدث عن اتفاق يشمل تسلمه الضفة الغربية، وإجراء تبادل أراضٍ، ونشر قوات للحلف الأطلسي على عمق 10 كيلومترات داخل الأراضي الفلسطينية، وطالما طرح الفلسطينيون العودة إلى طاولة المفاوضات من حيث انتهت مع أولمرت، لكن حكومة بنيامين نتنياهو رفضت، ومع زيادة الضغط الأميركي على الطرفين من أجل العودة إلى المفاوضات يتخوف الفلسطينيون أن يتبخر جهدهم وجهد الأميركيين في الهواء.
وتساءل المسؤول في هذا السياق: "إذا كان متعذرًا الوصول إلى اتفاق مع نتنياهو في الوضع الطبيعي، فكيف يمكن تحقيق ذلك الآن... والسؤال هو إلى أي حد يمكن أن يذهب نتنياهو نحو اتفاق تاريخي، وهو تحت الملاحقة القضائية".
ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي تعقيدات كبيرة بعدما وافق مدير طاقمه السابق آري هارو أن يصبح شاهد دولة في قضيتي شبهات بفساد ورشاوى وخيانة أمانة، وحسب مراقبين، فإن شهادة هارو ستساعد في تقديم نتنياهو إلى المحكمة في ملفي فساد على الأقل: الملف رقم "2000" والملف رقم "1000"، وتخص القضية 2000 صفقة المقايضة بين نتنياهو وصاحب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أما القضية 1000 فيشتبه فيها بأن نتنياهو وزوجته حصلا على هدايا غير شرعية من رجال أعمال، لكن الزوجين نفيا ارتكابهما أي مخالفة، بينما يُعتقد أن هارو يمكن أن يدلي بشهادة أيضًا فيما يسمى "قضية الغواصات"، المعروفة أيضًا باسم "القضية 3000"، التي تبحث في صفقة يفترض أنها فاسدة لشراء مركبات بحرية من ألمانيا، ويمكن أن تؤدي إلى لوائح اتهام ضد مسؤولين رفيعين.
وبسبب هذا الوضع المليء بالشكوك وعلامات الاستفهام يفضل الفلسطينيون الانتظار حتى تنتهي التحقيقات، وجاءت التحفظات الفلسطينية على إطلاق مفاوضات مع نتنياهو، فيما أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يعتزم إرسال وفد رفيع إلى المنطقة في محاولة لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وقال مسؤول رفيع في البيت الأبيض إن مستشار وصهر ترمب، غارد كوشنير، سيرأس الوفد الرفيع وسينضم إليه مبعوث عملية السلام في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات ونائبة مستشار الأمن القومي دينا باول، وأشار المسؤول إلى أن الرئيس ترمب لا يزال ملتزمًا بتحريك عملية السلام في الشرق الأوسط، ويعتقد أنه بعد انتهاء أزمة الحرم القدسي واستتباب الأمور في المنطقة، فإنه من الملح مواصلة الجهود بشأن عملية السلام، متابعًا بقوله : "لقد أشار الرئيس ترمب في الماضي إلى أن إنجاز اتفاق سلام يصمد بين إسرائيل والفلسطينيين هي مهمة صعبة، ولكنه لا يزال متفائلًا بإمكانية تحقيق السلام. ومن أجل زيادة حظوظ مثل هذا السلام، على كل الأطراف العمل من أجل خلق أجواء مواتية تساعد على صنع السلام، وأن تمنح المتفاوضين المساحة والزمان الضروريين من أجل التوصل لاتفاق".
لكن مهمة الأميركيين تبدو حسب بعض المراقبين معقدة، وذلك بسبب تباعد المواقف بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث يطلب الفلسطينيون مراجعة وتقييم كل الاتفاق الانتقالي، ووضع أسس جديدة تتضمن اتفاقًا محددًا بسقف زمني مع الجانب الإسرائيلي، كما يريد الفلسطينيون من إسرائيل البدء في مفاوضات حول الحدود والتوقف عن الاستيطان واقتحامات المدن، وإلغاء دور الإدارة المدنية التابعة للجيش الإسرائيلي، التي عادت للعمل منذ سنوات، ونقل الصلاحيات المدنية للسلطة، لكن إسرائيل لا تستجيب لهذه المطالب.
https://ssl.gstatic.com/ui/v1/icons/mail/images/cleardot.gif
أرسل تعليقك